رمضان ..
هو شهر من الأشهر العربية الاثني عشر ،
وهو شهر معظم في دين الإسلام وقد تميز عن بقية الشهور بجملة من الخصائص والفضائل ومن ذلك :
1- أن الله عز وجل جعل صومه الركن الرابع من أركان الإسلام , كما قال تعالى :
( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ
فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه)
البقرة / 185 , وثبت في الصحيحين البخاري ( 8 ) ، ومسلم ( 16 )
من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بني الإسلام على خمس
شهادة أن لا إله إلا الله , وأن محمدا عبد الله ورسوله , وإقام الصلاة , وإيتاء الزكاة ،
وصوم رمضان , وحج البيت " .
2- أن الله عز وجل أنزل فيه القرآن , كما قال تعالى في الآية السابقة
( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ) البقرة / 185 ،
وَقَال سُبْحَانَهُ وتَعَالَى : { إنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } .
3- أن الله جعل فيه ليلة القدر , التي هي خير من ألف شهر , كما قال تعالى :
( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ .
تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ . سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ )
القدر / 1_5 . وقال أيضا : ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ) الدخان / 3 .
فَضَّلَ اللَّهُ تَعَالَى رَمَضَانَ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ , وَفِي بَيَانِ مَنْزِلَةِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ الْمُبَارَكَةِ نَزَلَتْ سُورَةُ الْقَدْرِ
وَوَرَدَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا : حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ ,
تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ , وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ , وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ ,
لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ,مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ "
رواه النسائي ( 2106 ) وأحمد (8769) صححه الألباني في صحيح الترغيب ( 999 ) .
وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
" مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ " " رواه البخاري (1910) ومسلم ( 760 ) .
4- أن الله عز وجل جعل صيامه وقيامه إيمانا واحتسابا سببا لمغفرة الذنوب ,
كما ثبت في الصحيحين البخاري ( 2014 ) ، ومسلم ( 760 )
من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " .
و فيهما البخاري ( 2008 ) ومسلم ( 174 ) أيضا عنه قال :
قال صلى الله عليه وسلم : " ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " .
وقد أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى سُنِّيَّةِ قِيَامِ لَيَالِيِ رَمَضَانَ ,
وَقَدْ ذَكَرَ النَّوَوِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِقِيَامِ رَمَضَانَ صَلَاةُ التَّرَاوِيحِ يَعْنِي
أَنَّهُ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْ الْقِيَامِ بِصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ .
5- أن الله عز وجل يفتح فيه أبواب الجنان , ويُغلق فيه أبواب النيران ,
ويُصفِّد فيه الشياطين , كما ثبت في الصحيحين البخاري ( 1898 ) ، ومسلم ( 1079 )
من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة , وغلقت أبواب النار , وصُفِّدت الشياطين " .
6- أن لله في كل ليلة منه عتقاء من النار ، روى الإمام أحمد (5/256) من حديث أبي أُمامة
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لله عند كل فطر عتقاء " .
قال المنذري : إسناده لا بأس به . وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (987) .
وروى البزار (كشف_ 962) من حديث أبي سعيد قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إن لله تبارك وتعالى عتقاء في كل يوم وليلة _ يعني في رمضان _ ,
وإن لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة " .
7- أن صيامَ رمضان سببٌ لتكفير الذنوب التي سبقته من رمضان الذي قبله
إذا اجتنبت الكبائر ,
كما ثبت في "صحيح مسلم" (233) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: " الصلوات الخمس , والجمعة إلى الجمعة , ورمضان إلى رمضان ,
مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر " .
8- أن صيامه يعدل صيام عشرة أشهر ,
كما يدل على ذلك ما ثبت في "صحيح مسلم" (1164) من حديث أبي أيوب الأنصاري قال
: " من صام رمضان , ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر " .
وروى أحمد ( 21906 ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( من صام رمضان فشهر بعشرة أشهر ، وصيام ستة أيام بعد الفطر فذلك تمام السنة )
9- أن من قام فيه مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ،
لما ثبت عند أبي داود (1370) وغيره من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة " . وصححه الألباني في "صلاة التراويح" (ص 15)
10- أن العمرة فيه تعدل حجة ، روى البخاري (1782) ومسلم (1256) عن ابن عباس قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار :
" ما منعك أن تحجي معنا ؟ " قالت : لم يكن لنا إلا ناضحان ,
فحج أبو ولدها وابنها على ناضح , وترك لنا ناضحا ننضح عليه ,
قال : " فإذا جاء رمضان فاعتمري , فإن عمرة فيه تعدل حجة
" , وفي رواية لمسلم :" حجة معي " . والناضح هو بعير يسقون عليه .
11- أنه يُسن الاعْتِكَافُ فِيهِ , لِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ ,
كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ - رضي الله عنها –
" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى
, ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ " رواه البخاري ( 1922 ) ومسلم ( 1172 ) .
12- يُسْتَحَبُّ فِي رَمَضَانَ اسْتِحْبَابًا مُؤَكَّدًا مُدَارَسَةُ الْقُرْآنِ وَكَثْرَةُ تِلاوَتِهِ ,
وَتَكُونُ مُدَارَسَةُ الْقُرْآنِ بِأَنْ يَقْرَأَ عَلَى غَيْرِهِ وَيَقْرَأَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ , وَدَلِيلُ الاسْتِحْبَابِ
" أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ
فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ " رواه البخاري ( 6 ) ومسلم ( 2308 ) .
وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ مُسْتَحَبَّةٌ مُطْلَقًا , وَلَكِنَّهَا فِي رَمَضَانَ آكَدُ .
13- يستحب في رمضان تَفْطِيرُ الصَّائِمِ : لِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ
: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ ,
غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا " رواه الترمذي (807) وابن ماجه ( 1746 )
وصححه الألباني في صحيح الترمذي (647)
قال الله تعالى : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان
فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر
يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون )
البقرة / 185 هذا الشهر المبارك موسم عظيم للخير والبركة والعبادة والطاعة .
فهو شهر عظيم ، وموسم كريم ، شهر تضاعف فيه الحسنات
، وتعظم فيه السيئات ،
وتفتح فيه أبواب الجنات ، وتقفل فيه أبواب النيران ،
وتقبل فيه التوبة إلى الله من ذوي الآثام والسيئات .
فاشكروه على ما أنعم عليكم به من مواسم الخير والبركات ،
وما خصكم به من أسباب الفضل وأنواع النعم السابغات ،
واغتنموا مرور الأوقات الشريفة والمواسم الفاضلة بعمارتها بالطاعات
وترك المحرمات تفوزوا بطيب الحياة وتسعدوا بعد الممات .
والمؤمن الصادق كل الشهور عنده مواسم للعبادة والعمر كله عنده موسم للطاعة ,
ولكنه في شهر رمضان تتضاعف همته للخير وينشط قلبه للعبادة أكثر ،
ويقبل على ربه سبحانه وتعالى , وربنا الكريم من جوده وكرمه
تفضل على المؤمنين الصائمين
فضاعف لهم المثوبة في هذا الموقف الكريم
وأجزل لهم العطاء والمكافئة على صالح الأعمال .
جعلنا الله وأياكم ممن صام رمضان وقامه على الوجه الذي يرضي ربنا سبحانه وتعالى
في آمان الله تعالى وحفظه ....
--
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق