مَـرْحـبًـــآ بِــك فِـــي مُـدَونَـــة الْـجِـــيـــلْ الْــقَــــآدِمْ

الجمعة، 20 أبريل 2012

كذبة لن تضر..


حمل التفاحة الصغيرة (فتفت) لوحته الجميلة التي رسمها له والده، و سار نحو مدرسته بفخر, كان سعيدا جدا بتلك اللوحة، و راح يتخيل سعادة المعلمة الأنسة جزرة بتلك اللوحة و مسارعتها إلى تعليقها في مكان بارز جدا في الصف, بينما تثني عليه و تشكره و تبتسم ابتسامة عريضة......

 
في باحة المدرسة اجتمع التلاميذ حول لوحة (فتفت) و صاح (طم طم) بإعجاب:

-         يااااااااه.. ما أجملها.. أنت رسام بارع يا (فتفت).. لم تخبرنا أنك تجيد الرسم هكذا.

ابتسم (فتفت) و شعر بفخر و سرور كبير و أعجبه أن يقال عنه: إنه رسام بارع، و قرر أن يبقى صامتا و أن لا يخبر أحدا بأن والده هو من رسم اللوحة و حدث نفسه قائلا:

-         كذبة صغيرة لن تضر. لا فرق بين أفراد الأسرة الواحدة.

في غرفة الصف فرحت الآنسة جزرة  بتلك اللوحة، و علقتها فوق السبورة في مكان بارز, و قالت لـ (فتفت) و هي تنظر إلى اللوحة المعلقة:

-         يا لك من رسام يا صغيري. أنت اليوم رسام الصف. لا بل رسام المدرسة كلها.

فرح (فتفت) و ازداد شعوره بالفخر، و شعر بأن عيون التلاميذ تلاحقه و تغبط موهبته, و قال لضميره الذي راح يؤنبه:

-         أنا لم أسبب الأذى لأحد. و لن تتسبب كذبتي الصغيرة بالضرر لأي أحد, و ما المشكلة لو قالوا عني رسام ماهر.

قبل بداية الحصة الثانية، دخلت المعلمة جزرة مع مديرة المدرسة السيدة إجاصة التي وقفت طويلا تتأمل تلك اللوحة، و نظرت من خلال نظارتها السميكة إلى (فتفت) و قالت:

-         أنت إذا الرسام العظيم؟

احمر وجه (فتفت) و غاص في مقعده و قائلا:

-         نعم أنا هو.

-         جيد. كنت قد اتفقت مع رسام البارحة ليرسم لنا لوحة على جدار المدرسة, و قد قررت الآن أن أعتذر من الرسام؛ لأنني وجدت الرسام الرائع الذي سيرسم لنا لوحة مثل هذه اللوحة تماما على جدار المدرسة.

امتقع وجه (فتفت) و بدأ العرق يتصبب من جبينه، و نسي كل كلمات المديح و الثناء و كل مشاعر الفخر و الاعتزاز, و بدأ يشعر بالبرودة تسري في أطراف أصابعه و هو يتخيل التلاميذ و هم يحيطون به و يضحكون عليه و ينعتوه بالكذاب.

قالت المديرة:

-         هيا يا عزيزي الألوان و الفرش جاهزة، و هناك من سيساعدك أيضا و هم ينتظرونك في الباحة.

اقترب (فتفت) من المديرة قائلا:

-         هل تسمحين لي بكلمة يا أنسة

-         نعم تفضل يا عزيزي.

-         أريد أن أتكلم معك وحدنا

-         هل تعاني من شيء يا صغيري؟

-         لا و لكنه أمر يخصني فقط.

خرجت المديرة يتبعها (فتفت) و توقفت في الردهة قرب باب الصف قائلة:

-         ما بك يا (فتفت)

-         أنسة لقد كذبت. لست أنا من رسم اللوحة إنه والدي.

ذهلت المديرة و لم تتكلم بحرف واحد فقط، أشارت بيدها لـ(فتفت) ليدخل الصف و انصرفت و هي تهز رأسها بينما دخل (فتفت) الصف بظهر منحن و دمعة كسيرة و بعزم أكيد على عدم الكذب مرة أخرى طوال حياته.




 رابط القصة في موقع لها اون لاين : http://www.lahaonline.com/articles/view/40140.htm

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق