مَـرْحـبًـــآ بِــك فِـــي مُـدَونَـــة الْـجِـــيـــلْ الْــقَــــآدِمْ

الخميس، 9 أغسطس 2012

فن الإعتذار


بقلم: هاله حسن طاهر الحضيري

كثيرا ما يرتبط الإعتذار في أذهاننا بكلمة ( آسف ) التي ربما تخرج من فم الإنسان متجهة نحو أذن المعتذر منه ، ويتقبلها المقصود بالرد ( معليش مش مشكلة ) .. ولكن هل دائما تؤدي هذه الكلمة الغرض منها بتصفية القلوب ومحو ما رسمه سبب الإعتذار في صفحةٍ ربما كانت في يوم من الأيام بيضاء كالثلج؟
كيف يمكن أن نجعل من الإعتذار ليس مجرد كلمة تخرج من الفم لتدخل الأذن وربما لاتتخطاها ، فلا يعيها العقل ولا يحسها القلب ، كيف يمكن أن نجعل منه رسالة ودٍّ تخرج من القلب لتدخل القلب ( وهنا مربط الفرس).
قبل أن يقدم المرء على الإعتذار إن أراد لإعتذاره القبول عليه أن يكون مقتنعاً هو أولاً باعتذاره، وأن يصدر من أعماق قلبه وهنا سيظهر هذا الشعور على ملامح وجهه ونظرات عينيه ..مما يجعل الشخص المقابل أكثر تفهما ويعطيه دافعاً للتجاوز عن الخطأ.
ومن ثم يأتي دور الإختيار الصحيح لوقت الإعتذار بما يتلائم مع الحالة النفسية للشخص الآخر فلا يجدر الإعتذار منه وهو مثلاً في أشد حالات الغضب، فربما يؤدي ذلك لعدم تمكنه من الإستقبال بشكل جيد، وربما كان الرفض والنفور هو الرد الفوري ، كما لايجدر الإعتذار منه وهو على عجلة من أمره فربما كان استعجاله مدعاة لقبول الإعتذار قبولا شفهيا ويبقى ما في القلب في القلب، وكمثال آخر ربما كان الإعتذار العلني أمام الآخرين يدعم الموقف في صالح المعتذر فيشعر الجميع بمدى ندمه على الخطأ الذي إرتكبه ولكنه في أحيان أخرى يجعل الطرف المقابل يشعر بالحرج من الحاضرين فيقبل الإعتذار على مضض .. لذا يجب انتقاء الظروف المناسبة بشكل جيد.
وبعد ذلك يأتي الشيئ الحاسم وهو طريقة الإعتذار ، وهنا أود التنويه لأن طرق الإعتذار كثيرة ولا حصر لها ولا تقتصر على لفظة ( آسف ) التي قد تعد أضعف الطرق .. ففضيلة الإعتراف بالخطأ سيد الإعتذار ، والهدية مرسال المحبة بين القلوب ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( تهادوا تحابوا) والهدية ليست بقيمتها المادية فكم من قصاصة ورق صغيرة كتبت عليها كلمات صادقة كانت أغلى من الذهب والفضة ، أما الإبتسامة فلها في القلب مفعول ساحر يجلي كدر النفس ويريحها، قال عليه الصلاة والسلام ( تبسمك في وجه أخيك صدقه )، وتقديم المساعدة في وقت الحاجة والوقوف مع الناس في الشدائد قد لا تبلغ كلمات الإعتذار كلها لبلوغ تأثيره في النفس، وغير ذلك من الطرق التي على المرء أن يتفنن في انتقاء أحدها عند إعتذاره .. ويجب هنا التنويه لأن هذه الطرق تنفع كلها للإعتذار بين الزوجين غير أن الأمر هنا أكثر اتساعا ورحابة والخيارات أكثر وأكثر فقد تكون لمسة حانية إو مسكة يد دافئة كافية لأن ينسى الزوج أو الزوجة الموقف المزعج برمته .
وقد يتساءل شخص كيف أستطيع الإعتذار من شخص أعرف أنه يكنُّ لي البغض ويتمنى لي السوء !. هنا يجدر تقديم شيء آخر على الإعتذار شيء قاله الله تعالى وأمرنا به ( إدفع بالتي هي أحسن السيئة فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) ومِن ثَمَّ تذوب الحواجز وقد لا يبقى أيُّ داعٍ للإعتذار .. قد يتطلب الأمر وقتا وصبرا ، ولكن النتائج الطيبة تستحق العناء.
والله ولي التوفيق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق