بقلم : ذكاء رواس قلعه جي
قرع
الجرس وتراكضت الصديقات للخروج حتى ضاق بهم باب الفصل رغم سعته, وكل واحدة
تحمل بحرص شطيرة أو علبة بسكوت, بينما كانت بعضهن يقبضن أيديهن بحرص على
دراهم, ليشترين بها من مقصف المدرسة.
مددت يدي بتثاقل إلي حقيبتي لأخرج الشطيرة التي أعدتها لي أمي كما في كل صباح, ولكني لم أجد شيئا, مددت يدي مرة أخرى, ورحت أبحث في كل جزء من الحقيبة عن الشطيرة, فلعل أمي أخطأت ووضعتها في مكان مختلف.
مددت يدي بتثاقل إلي حقيبتي لأخرج الشطيرة التي أعدتها لي أمي كما في كل صباح, ولكني لم أجد شيئا, مددت يدي مرة أخرى, ورحت أبحث في كل جزء من الحقيبة عن الشطيرة, فلعل أمي أخطأت ووضعتها في مكان مختلف.
ولكني عبثا حاولت, لم يكن في الحقيبة أثر للطعام كما لم يكن عندي نقود, وشعرت فجأة بأنني أريد أن أبكي.
كان الفصل قد أصبح خاليا تماما وليس فيه غيري, وأصوات الصديقات تصلني عبر الباب المفتوح على مصراعيه, وترددت هل أخرج إليهن أم أبقي في الفصل؟
ولكن المعلمة المناوبة قد قضت على ترددي, وهي تنادي بصوتها الجهوري:
- فاطمة, هيا ... لماذا أنت هنا؟
- ها أنا أخرج يا أستاذة.
- ولكن أين شطيرتك؟
- لست جائعة, لا أريد أن أكل.
- خيرا سنرى كيف يمكنك أن تبقي بدون طعام, اللهم لاتزل نعمك عنا؟
قالت لي ذلك وهي تنظر إلي وأنا أعبر أمامها.
ورحت أفكر كيف لاحظت المعلمة أنني لا أحمل شطيرة . ترى هل اتفقت مع أمي؟ لابد أنهما اتفقتا, لأنها قالت الكلام نفسه الذي تردده أمي, كلما أبديت لها تذمري من تناول الطعام, وكنت في كل يوم أرفض أن آخذ الشطيرة وتجبرني هي على أخذها, وكنت أحاول الهروب منها حاملة الحقيبة لأمنعها من وضع الشطيرة فيها.
ويوم أمس قالت لي: هذا آخر يوم أضع فيه طعاما لك, ولنرى كيف يمكنك البقاء بدون طعام, لم أصدق أنها ستفعل, فقد كنت أعرف حرصها على أن أتناول طعامي, ولكن يبدو أنها فعلت, واتفقت مع المعلمة لكي تتشفى مني.
وقفت في طرف الساحة وأسندت ظهري للجدار, ورحت أراقب صديقاتي كل واحدها بيدها شطيرة, وبدأت أشعر بالجوع يقرص معدتي, أول مرة أشعر برغبة حقيقية بتناول الطعام.
ورأيت بعض الصديقات يرمين ببقايا شطائرهن في سلة المهملات, (يا الله كيف يرمينها. وهناك من يتمناها).
فكرت أن أطلب بعض المال أو الطعام من إحدى الصديقات، ولكني تردد وتلعثمت. وبقيت بجوار الحائط, حتى انتبهت لي احدي الصديقات فنادتني, وجاءت تجرني من يدي لكي أشاركهم اللعب, وفجأة سألتني:
- أين شطيرتك أليس معك طعام.
- لا أرغب في الطعام.
- كيف؟.. لابد أنك جائعة.
يا الله هل اتفق الجميع علي, وكتمت غيظي, وقد صار جمع من رفيقاتي يحطن بي, لا أشعر برغبة في الطعام.. لا أريد أن آكل.
قلبت الفتيات شفاههن، واستمرين في قضم طعامهن على عجل, فقد دق الجرس مؤذنا بانتهاء الفسحة. وعدنا إلى الفصل, يكاد يغمي على من الجوع, أول مرة اشعر أنني جائعة وأن الطعام نعمة كبيرة و لم أكن أقدرها كما يجب.
مر اليوم بطيئا ثقيلا, وأنا ليس في ذهني ما أفكر به إلا الطعام, عدت إلى البيت استقبلتني رائحة الطبخ, سألت أمي كعادتها: كيف كان يومك؟
- بخير.
لم أسألها لماذا لم تضع لي الشطيرة في الحقيبة, وهي أيضا لم تحدثني بذلك. ولكن في صباح اليوم التالي دسست الشطيرة في حقيبتي بصمت وودعت أمي, وأنا أقول: اللهم لاتزل نعمك عنا.
كان الفصل قد أصبح خاليا تماما وليس فيه غيري, وأصوات الصديقات تصلني عبر الباب المفتوح على مصراعيه, وترددت هل أخرج إليهن أم أبقي في الفصل؟
ولكن المعلمة المناوبة قد قضت على ترددي, وهي تنادي بصوتها الجهوري:
- فاطمة, هيا ... لماذا أنت هنا؟
- ها أنا أخرج يا أستاذة.
- ولكن أين شطيرتك؟
- لست جائعة, لا أريد أن أكل.
- خيرا سنرى كيف يمكنك أن تبقي بدون طعام, اللهم لاتزل نعمك عنا؟
قالت لي ذلك وهي تنظر إلي وأنا أعبر أمامها.
ورحت أفكر كيف لاحظت المعلمة أنني لا أحمل شطيرة . ترى هل اتفقت مع أمي؟ لابد أنهما اتفقتا, لأنها قالت الكلام نفسه الذي تردده أمي, كلما أبديت لها تذمري من تناول الطعام, وكنت في كل يوم أرفض أن آخذ الشطيرة وتجبرني هي على أخذها, وكنت أحاول الهروب منها حاملة الحقيبة لأمنعها من وضع الشطيرة فيها.
ويوم أمس قالت لي: هذا آخر يوم أضع فيه طعاما لك, ولنرى كيف يمكنك البقاء بدون طعام, لم أصدق أنها ستفعل, فقد كنت أعرف حرصها على أن أتناول طعامي, ولكن يبدو أنها فعلت, واتفقت مع المعلمة لكي تتشفى مني.
وقفت في طرف الساحة وأسندت ظهري للجدار, ورحت أراقب صديقاتي كل واحدها بيدها شطيرة, وبدأت أشعر بالجوع يقرص معدتي, أول مرة أشعر برغبة حقيقية بتناول الطعام.
ورأيت بعض الصديقات يرمين ببقايا شطائرهن في سلة المهملات, (يا الله كيف يرمينها. وهناك من يتمناها).
فكرت أن أطلب بعض المال أو الطعام من إحدى الصديقات، ولكني تردد وتلعثمت. وبقيت بجوار الحائط, حتى انتبهت لي احدي الصديقات فنادتني, وجاءت تجرني من يدي لكي أشاركهم اللعب, وفجأة سألتني:
- أين شطيرتك أليس معك طعام.
- لا أرغب في الطعام.
- كيف؟.. لابد أنك جائعة.
يا الله هل اتفق الجميع علي, وكتمت غيظي, وقد صار جمع من رفيقاتي يحطن بي, لا أشعر برغبة في الطعام.. لا أريد أن آكل.
قلبت الفتيات شفاههن، واستمرين في قضم طعامهن على عجل, فقد دق الجرس مؤذنا بانتهاء الفسحة. وعدنا إلى الفصل, يكاد يغمي على من الجوع, أول مرة اشعر أنني جائعة وأن الطعام نعمة كبيرة و لم أكن أقدرها كما يجب.
مر اليوم بطيئا ثقيلا, وأنا ليس في ذهني ما أفكر به إلا الطعام, عدت إلى البيت استقبلتني رائحة الطبخ, سألت أمي كعادتها: كيف كان يومك؟
- بخير.
لم أسألها لماذا لم تضع لي الشطيرة في الحقيبة, وهي أيضا لم تحدثني بذلك. ولكن في صباح اليوم التالي دسست الشطيرة في حقيبتي بصمت وودعت أمي, وأنا أقول: اللهم لاتزل نعمك عنا.
--
المصدر/ لها أون لاين موقع المرأة العربية - واحة الطفولة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق